يُعتبر سؤال متى يبدأ الطفل بالجلوس بدون مساعدة؟ من أكثر التساؤلات التي تشغل بال الأمهات والآباء خلال السنة الأولى من حياة صغيرهم. فالجلوس يُعد إحدى المهارات الحركية الأساسية التي تُمكّن الطفل من الانتقال من مرحلة الاعتماد الكامل على الأهل إلى مرحلة الاستكشاف والاستقلالية. ومع ذلك، يختلف توقيت هذه المهارة من طفل لآخر تبعًا لعوامل عديدة.
في البداية، يبدأ الطفل بمحاولات بسيطة للجلوس مع الاستناد على الوسائد أو مساعدة اليدين، ثم تدريجيًا يكتسب القوة والقدرة على التوازن ليجلس بثقة دون دعم. لكن، ما هو العمر الطبيعي الذي يتقنه فيه معظم الأطفال؟ وهل يُعتبر التأخر في الجلوس أمرًا يدعو للقلق؟
تلعب عدة عوامل دورًا مهمًا في سرعة تعلم الطفل للجلوس، مثل قوة العضلات، ووزنه، ومدى تحفيز البيئة المحيطة. كما أن بعض التمارين البسيطة التي يمكن للأم القيام بها مع طفلها، تُساعد على تقوية عضلات الظهر والبطن، مما يُسرّع من هذه المهارة.
لكن في المقابل، قد يقع الأهل في بعض الأخطاء الشائعة مثل إجبار الطفل على الجلوس مبكرًا أو استخدام مقاعد غير مناسبة، مما قد يؤثر على صحته. وهنا يطرح السؤال الأهم: متى يجب استشارة الطبيب إذا تأخر الطفل في الجلوس متى يبدأ الطفل بالجلوس بدون مساعدة؟
في هذا المقال، سنستعرض جميع التفاصيل المتعلقة بقدرة الطفل على الجلوس، بدءًا من التطور الطبيعي وحتى العلامات التي تستدعي القلق، مع نصائح عملية لدعم هذه المرحلة المهمة.
التطور الطبيعي لجلوس الطفل: من الاستناد إلى الاستقلالية
يُعتبر الجلوس من أبرز المهارات الحركية التي يكتسبها الطفل خلال عامه الأول، حيث يبدأ في الانتقال من الاستناد الكامل إلى القدرة على الجلوس باستقلالية. في الأشهر الأولى، لا يتمكن الطفل من التحكم بجذعه بشكل كافٍ، لكنه مع بلوغ الشهر الرابع أو الخامس، يبدأ بمحاولات رفع الرأس والاعتماد على الذراعين أثناء الاستلقاء على البطن. هذه الحركات الأولى تمثل الخطوات التمهيدية نحو الجلوس.
عادةً، يتمكن معظم الأطفال من الجلوس بمساعدة أو بدعم الوسائد بين الشهرين الخامس والسابع. ومع تطور قوة العضلات والتوازن، يبدأ الطفل بمحاولات الجلوس لفترات قصيرة دون مساعدة. وبحلول الشهر الثامن تقريبًا، يستطيع العديد من الأطفال الجلوس بثقة أكبر، بينما يصل البعض إلى هذه المرحلة لاحقًا دون أن يكون ذلك بالضرورة علامة على مشكلة.
إن فهم التطور الطبيعي لجلوس الطفل يساعد الوالدين على تقدير إنجازات صغيرهم دون مقارنة مفرطة مع الأطفال الآخرين. من المهم إدراك أن لكل طفل وتيرة نموه الخاصة، وأن التدرج من الاستناد إلى الجلوس المستقل يحتاج إلى الصبر، الممارسة، والدعم.
العوامل التي تؤثر على قدرة الطفل على الجلوس مبكرًا أو متأخرًا
توقيت جلوس الطفل لا يعتمد فقط على عمره، بل يتأثر بعدة عوامل بيولوجية وبيئية. من أبرز هذه العوامل: قوة العضلات، فالأطفال الذين يتمتعون بوزن صحي ونمو عضلي سليم يطورون مهارات الجلوس أسرع من غيرهم. كما يلعب وزن الطفل دورًا مهمًا؛ فالأطفال ذوو الوزن الزائد قد يحتاجون وقتًا أطول لاكتساب التوازن.
كذلك، يُعتبر التحفيز البيئي عاملاً أساسيًا، فالأطفال الذين يُمنحون فرصًا كافية للعب على الأرض والاستلقاء على البطن يكتسبون مرونة وقوة تساعدهم على الجلوس مبكرًا. في المقابل، قلة الحركة والاعتماد المفرط على الكراسي أو العربات قد يبطئ هذا التطور متى يبدأ الطفل بالجلوس بدون مساعدة.
ولا يمكن إغفال العوامل الوراثية وحالة الولادة؛ فالأطفال المولودون قبل الأوان قد يتأخرون قليلًا في الوصول إلى هذه المرحلة مقارنة بأقرانهم. أيضًا، الصحة العامة للطفل، مثل وجود مشكلات في الجهاز العصبي أو العضلي، قد تؤثر على توقيت الجلوس.
إدراك الأهل لهذه العوامل يساعدهم على تقديم الدعم المناسب، وتجنب القلق الزائد في حال تأخر بسيط، خاصة إن كان الطفل ينمو بشكل طبيعي في باقي المهارات.
تمارين بسيطة لتقوية عضلات الطفل وتشجيعه على الجلوس
تُعد التمارين اليومية من الوسائل الفعّالة لتسريع تطور مهارة الجلوس عند الطفل. أحد أهم هذه التمارين هو وقت الاستلقاء على البطن (Tummy Time)، حيث يوضع الطفل على بطنه لفترات قصيرة عدة مرات يوميًا، ما يساعد على تقوية عضلات الرقبة والظهر والكتفين.
كما يمكن تشجيع الطفل على الجلوس بدعم الوسائد خلف ظهره وجانبيه، مما يمنحه الثقة للتوازن دون خوف من السقوط. تدريجيًا، يقل الدعم حتى يتمكن من الاعتماد على نفسه. يمكن أيضًا استخدام لعبة جذابة توضع أمامه لتحفيزه على مد ذراعيه والتوازن أثناء الجلوس.
تمرين آخر هو الشد برفق من اليدين؛ حيث يمسك الوالد يدي الطفل وهو مستلقٍ على ظهره، ثم يجذبه بلطف للأمام ليجلس. هذا التمرين يقوي عضلات البطن والرقبة، ويشجع على الجلوس بشكل أسرع.
من المهم أن تتم هذه التمارين في بيئة آمنة، على سطح مستوٍ ومبطن، مع مراقبة دائمة من الأهل. كما يجب أن تكون الجلسات قصيرة في البداية وتزداد تدريجيًا حسب قدرة الطفل ف متى يبدأ الطفل بالجلوس بدون مساعدة .
قد يهمك : مراحل نمو الطفل في السنة الأولى بالتفصيل
أخطاء شائعة يرتكبها الأهل عند تعليم الطفل الجلوس
رغبة الأهل في رؤية طفلهم يحقق إنجازات مبكرًا قد تدفعهم لارتكاب بعض الأخطاء التي تؤثر سلبًا على نموه. من أبرز هذه الأخطاء إجبار الطفل على الجلوس قبل أن يكون مستعدًا، مما قد يسبب ضغطًا على عموده الفقري أو عضلاته غير المكتملة.
كذلك، الاعتماد المفرط على الكراسي المخصصة أو المشايات قد يعيق تطور العضلات الطبيعية، إذ تمنح الطفل دعمًا اصطناعيًا يمنعه من تدريب عضلات التوازن بشكل كافٍ. ومن الأخطاء أيضًا وضع الطفل في وضعيات غير مريحة أو تركه دون مراقبة أثناء محاولاته الأولى، ما يزيد خطر السقوط والإصابات.
كما يُخطئ بعض الأهل في مقارنة طفلهم بشكل مفرط مع أطفال آخرين، فينشأ القلق غير المبرر ويؤثر على ثقتهم بقدرات صغيرهم. الأصح هو متابعة نمو الطفل بشكل فردي وفقًا لمؤشرات طبية وعلمية، لا وفقًا لتجارب الآخرين.
تجنب هذه الأخطاء يضمن أن تكون مرحلة تعلم الجلوس آمنة ومليئة بالثقة، ويمنح الطفل فرصة للتطور الطبيعي دون ضغوط.
متى يجب القلق واستشارة الطبيب إذا تأخر الطفل في الجلوس؟
رغم أن الأطفال يختلفون في توقيت الجلوس، هناك علامات تستدعي استشارة الطبيب. فإذا لم يُظهر الطفل أي محاولات للجلوس أو التحكم بجذعه بعد الشهر التاسع، يُفضل مراجعة طبيب الأطفال. كذلك، إذا ترافق التأخر مع ضعف ملحوظ في العضلات أو عدم القدرة على رفع الرأس بثبات بعد الشهر السادس، فقد يشير ذلك إلى مشكلة تستدعي التقييم متى يبدأ الطفل بالجلوس بدون مساعدة.
من المؤشرات الأخرى المثيرة للقلق: غياب الاهتمام بالحركة، أو عدم محاولة استخدام الذراعين أثناء اللعب، أو الميل المستمر للاسترخاء دون مقاومة. أيضًا، الأطفال الذين يعانون من أمراض عصبية أو تأخر عام في النمو يحتاجون لمتابعة طبية دقيقة.
استشارة الطبيب في الوقت المناسب تساعد على تشخيص أي مشكلة مبكرًا، وتقديم برامج علاجية أو تمارين مناسبة لدعم الطفل. وفي معظم الحالات، يكون التأخر بسيطًا وطبيعيًا، لكن الاطمئنان الطبي يمنح الأهل راحة البال ويوجههم للأسلوب الأمثل لدعم نمو صغيرهم.