سن انقطاع الحيض، سن الأمل

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!

تمرّ المرأة خلال حياتها بمحطات بيولوجية متعددة، لكل منها خصائصها الجسدية والنفسية، ويُعد سن انقطاع الحيض – المعروف أيضًا باسم سن اليأس أو سن الأمل – إحدى أهم هذه المراحل وأكثرها تأثيرًا. وعلى عكس ما يعتقده البعض، لا يمثل هذا السن نهاية الأنوثة أو الحيوية، بل هو انتقال طبيعي من مرحلة الخصوبة والإنجاب إلى مرحلة جديدة تحتاج فيها المرأة إلى وعي صحي وتكيّف جسدي ونفسي مختلف.

يُعرَّف سن انقطاع الحيض (Menopause) بأنه التوقف الدائم للدورة الشهرية نتيجة توقف نشاط المبيضين وانتهاء تطور الجريبات، ما يؤدي إلى انخفاض حاد في إفراز الهرمونات الأنثوية، وعلى رأسها الإستروجين والبروجسترون. ويُقال إن المرأة دخلت رسميًا هذه المرحلة بعد مرور 12 شهرًا متتاليًا دون حدوث حيض، بشرط عدم وجود سبب مرضي آخر.

تحدث هذه المرحلة عادة بين سن 45 و55 عامًا، إلا أن بعض النساء قد يصلن إلى انقطاع الحيض المبكر قبل سن الأربعين، بينما قد يتأخر لدى أخريات إلى ما بعد الخمسين. وخلال هذه الفترة، تمر المرأة بتغيرات هرمونية عميقة قد تنعكس على صحتها الجسدية، حالتها النفسية، نومها، عظامها، وحتى علاقتها بجسدها وأنوثتها.

في هذا المقال الشامل، نسلّط الضوء على أسباب سن انقطاع الحيض، وأعراضه النفسية والجسدية، ومراحله المختلفة، إضافة إلى طرق التشخيص والعلاج، مع تقديم نصائح عملية للتكيف الصحي مع هذه المرحلة.

سن انقطاع الحيض، سن الأمل
سن انقطاع الحيض، سن الأمل

أسباب انقطاع الحيض الدائم

انخفاض مستوى الهرمونات الأنثوية

يُعد انخفاض إفراز الهرمونات الأنثوية السبب الأساسي وراء انقطاع الدورة الشهرية. فمع اقتراب المرأة من نهاية الثلاثينيات وبداية الأربعينيات، يبدأ المبيضان بإنتاج كميات أقل من الإستروجين والبروجسترون، وهما الهرمونان المسؤولان عن تنظيم الدورة الشهرية ودعم الخصوبة.
هذا الانخفاض التدريجي يؤدي إلى اضطراب الإباضة، ثم توقفها نهائيًا، ما ينعكس على انتظام الحيض إلى أن ينقطع كليًا.

استئصال الرحم

في حال استئصال الرحم دون المبيضين، يتوقف الحيض لكن لا تدخل المرأة فعليًا في سن اليأس، لأن المبيضين يواصلان إفراز الهرمونات.
أما استئصال الرحم مع المبيضين فيؤدي إلى سن يأس جراحي مفاجئ مصحوب بأعراض حادة بسبب الانخفاض السريع في الهرمونات.

قصور المبيضين الأولي

يحدث قصور المبيضين الأولي لدى نحو 1% من النساء قبل سن الأربعين، حيث يعجز المبيضان عن إنتاج الهرمونات بالمستوى الطبيعي. وقد يكون للعوامل الوراثية أو أمراض المناعة الذاتية دور في ذلك.

العلاج الكيميائي أو الإشعاعي

قد يؤدي العلاج الكيميائي والإشعاعي المستخدم في علاج السرطان إلى تلف المبيضين، ما يسبب توقف الحيض مؤقتًا أو دائمًا حسب شدة العلاج وعمر المرأة.

اقرأ ايضاً : الغضب يحفز أسباب الألم العضلي الليفي لدى النساء

أعراض سن انقطاع الحيض

تختلف أعراض سن اليأس من امرأة لأخرى، وقد تكون جسدية أو نفسية أو مزيجًا من الاثنين.

الأعراض النفسية

تشمل التقلبات المزاجية، القلق، الاكتئاب، العصبية، نوبات الفزع، والوسواس القهري. ويُعزى ذلك إلى تذبذب هرمون الإستروجين وتأثيره المباشر على النواقل العصبية مثل السيروتونين.

اضطرابات النوم

تعاني نسبة كبيرة من النساء من الأرق أو النوم المتقطع، خاصة بسبب الهبات الساخنة الليلية والتعرق، إضافة إلى تأثير التغيرات الهرمونية على تنظيم حرارة الجسم.

عدم انتظام الدورة الشهرية

قبل الانقطاع التام، تصبح الدورة أطول أو أقصر، غزيرة أو شحيحة، وقد تغيب عدة أشهر ثم تعود.

الهبات الساخنة

تُعد الهبات الساخنة من أكثر أعراض سن الأمل شيوعًا، وتظهر على شكل إحساس مفاجئ بالحرارة في الوجه والصدر مع تعرق وتسارع ضربات القلب.

تغيرات المهبل والمثانة

يؤدي انخفاض الإستروجين إلى جفاف المهبل، ألم أثناء الجماع، وزيادة خطر الالتهابات البولية، إضافة إلى السلس البولي.

تغيرات صحية أخرى

تشمل انخفاض كثافة العظام، زيادة الكوليسترول الضار، الصداع، آلام المفاصل، زيادة الوزن، وتساقط الشعر.

سن انقطاع الحيض، سن الأمل
سن انقطاع الحيض، سن الأمل

مراحل انقطاع الحيض

مرحلة ما قبل انقطاع الحيض

تُعرف بـ Perimenopause، وقد تبدأ قبل الانقطاع النهائي بسنوات. خلال هذه المرحلة تظهر معظم الأعراض نتيجة التذبذب الهرموني، رغم استمرار الحيض.

مرحلة ما بعد انقطاع الحيض

تبدأ بعد مرور 12 شهرًا دون دورة شهرية، حيث ينخفض الإستروجين بشكل دائم، وتزداد مخاطر بعض الأمراض المزمنة.

تشخيص سن انقطاع الحيض

غالبًا يُشخَّص سن اليأس اعتمادًا على الأعراض والعمر، وقد يلجأ الطبيب إلى فحوصات هرمونية مثل FSH وLH والإستروجين، إضافة إلى استبعاد اضطرابات الغدة الدرقية.

علاج سن انقطاع الحيض

العلاج الدوائي

  • العلاج الهرموني بالإستروجين للتخفيف من الهبات الساخنة.

  • مضادات الاكتئاب لتحسين المزاج وتقليل التوهجات.

  • Gabapentin في حالات الهبات الليلية الشديدة.

  • الإستروجين الموضعي لعلاج جفاف المهبل.

تغيير نمط الحياة

يشمل ارتداء الملابس القطنية، تجنب المنبهات، ممارسة الرياضة، الإقلاع عن التدخين، اتباع نظام غذائي صحي، وتعلم تقنيات الاسترخاء.

خلاصة

إن سن انقطاع الحيض مرحلة طبيعية وليست مرضًا، والتعامل الواعي معها يخفف كثيرًا من أعراضها ومضاعفاتها. الفهم الصحيح، الدعم النفسي، والمتابعة الطبية، جميعها عوامل تساعد المرأة على عبور سن الأمل بصحة أفضل وثقة أكبر، لتبدأ فصلًا جديدًا من حياتها مليئًا بالنضج والاتزان.

‫0 تعليق

اترك تعليقاً